النفس تبكى على الدنيا

جاء رجل لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب وقال : لقد اشتريت دارا وأريد ان تكتب عقد
الشراء بيدك , فنظر امير المؤمنين الي وجه الرجل فوجد ان الدنيا تربعت علي عرش قلبه
فأراد أمير المؤمنين ان يلقنه درسا
بسم الله الرحمن الرحيم : اما بعد فقد اشتري ميت من ميتا دارا تقع في بلد المذنبين وسكة
الغافلين لها اربعة حدود

الحد الأول ينتهي الي الموت
الحد الثاني ينتهي الي القبر
الحد الثالث ينتهي إلى الحساب
الحد الرابع ينتهي الي الجنة او النار

فقال الرجل جئت لكي تكتب لي عقد شراء منزل وكتبت لي عقد شراء مقبرة , فقال له امير
المؤمنين كلمات باقية اصبحت حكم وباقية حتي يومنا هذا

النفس تبكي على الدنيا

وقد علمت أن السلامه فيها تـرك مافيهـا

لا دار للمرء بعد الموت يسكنهـا

إلا التي كان قبل المـوت يبنيهـا

فإن بناها بخيـر طـاب مسكنـه

وإن بناها بشـر خـاب بانيهـا

أموالنا لذوي الميـراث نجمعهـا

ودورنا لخـراب الدهـر نبنيهـا

أين الملوك التي كانت مسلطنـه

حتى سقاها بكأس الموت ساقيها

كم من مدائن في الأفاق قد بُنيتأ

مست خراباً وأفنى الموت أهليها

إن المكـارم أخـلاق مطـهـرة

الديـن أولهـا والعقـل ثانيهـا

والعلم ثالثهـا والحلـم رابعهـا

والجود خامسها والفضل ساديها

والبر سابعها والشكـر ثامنهـا

والصبر تاسعها والليـن باقيهـا

لا تركنن إلى الدنيـا ومـا فيهـا

فالموت لا شك يفنينـا ويفنيهـا

واعمل لدار غداً رضوان خازنهـا

والجار أحمد والرحمـن ناشيهـا

قصورها ذهب والمسك طينتهـا

والزعفران حشيش نابـت فيهـا

فقال الرجل اشهدك يا امير المؤمنين باني قد وهبت منزلي لأتصدق به